في إستشهاد القديس قبريانوس القرطاجي سنة 258م

في اليوم 14 من أيلول صباحًا، تجمَّعَ شعبٌ غفيرٌ في مَيْدانِ سِكستُس (صيختوس )  بحسبِ أمرِ الوالي غاليريوس مكسيموس. وفي اليوم نفسِه أمر غاليريوس مكسيموس الوالي بأن يُحضَرَ إليه كبريانس إلى حيث كانَ جالسًا للقضاء. لماَّ أتَوْا به قالَ غاليريوس مكسيموس لكبريانس الأسقف: "أنت تاشيوس كبريانس ؟ 
 أجاب كبريانس الأسقف: "نعم".
    قال الوالي: أأنتَ زعيمُ النَّاسِ ذوي القلبِ الكافرِ بدينِنا؟" قال الأسقف: "نعم".
    قال الوالي: "أمرَ الأباطرةُ المقدَّسون أن تقرِّبَ للآلهةِ". قال الأسقف: "لا أفعلُ".
    قال الوالي: "راجِعْ نفسَك وفكِّرْ". قالَ الأسقف: "اعمَلْ بما أُمِرْتَ به. أمرُنا عَدْلٌ ولا يستدعي التَّفكيرِ".
    فتشاورَ الوالي مع مستشارِيه، ثم أعلنَ الحكمَ، وكأنَّه مُرغَمٌ، بهذه الكلمات: "عِشْتَ طويلًا بقلبٍ كافرٍ بالدِّين، وجمَعْتَ إليكَ أناسًا كثيرِين شاركوكَ مؤامرتَك، وجعَلْتَ من نفسِك عدوًّا لآلهةِ الرُّومانِ ولديانتِهم المقدَّسةِ، ولم يقدِرْ أن يرُدَّك الأباطرةُ الورِعون والمقدَّسون ڤاليريانس وغاليانس، وڤاليريانس القيصر النَّبيلُ إلى تقريبِ القرابين. ولهذا بما أنّك صاحِبُ أكبرِ الجرائمِ وحاملُ لوائِها، ستكونُ أنت مثالًا لمن جَمَعْتَ إلى إثمِكَ. بدمِكَ يُصلَحُ النِّظامُ". وبعدَ أن قالَ هذا قرأَ القرارَ: "تاشيوس كبريانس، حَسُنَ لدينا أن يُقطعَ رأسُه بالسَّيف".  قال الأسقف: "الحمدُ لله".
    بعدَ قراءةِ الحكمِ، قالَتْ جماعةُ الإخوةِ: "ونحن معه، فلْتُقطَعْ رؤوسُنا". وحصلَ ضجيجٌ بينَ الإخوةِ، وتبعَه جمهورٌ كبيرٌ. ونُقِلَ كبريانس إلى مَيْدانِ سِكسْتُس. وهناك تجرَّدَ من ثوبِه، ثم جثا على الأرضِ، وسجَدَ لله مصَلِّيًا. ولمـّا تجرَّدَ من عَبائتِه وسلَّمَها للشَّمامسةِ بقِيَ في قميصِ الكَتّان، وأخذَ ينتظرُ السَّيَّافَ.
    لمـَّا جاءَ السَّيَّافُ أمرَ الأسقفُ جماعتَه أن يُعطُوا السَّيّافَ خمسةً وعشرين نقدًا من الذهبِ. وفرشَ الإخوةُ المناديلَ والثِّيابَ أمامَه. ثم مدَّ كبريانس يدَه فغطَّى بها عينَيْه. ولمـَّا لم يقدِرْ أن يربِطَ بدَيْه بنفسِه، ربطَها له يوليانس الكاهنُ ويوليانس الشَّمَّاسُ.
    هكذا استشهدَ الطُّوباويُّ كبريانس. ثمَّ وُضِعَ جسدُه في مكانٍ قريبٍ لتجنُّبِ تطفُّلِ الوثنيّين. ولكنّه نُقِلَ من هناك في الليلِ على ضوءِ الشُّموعِ والمشاعلِ إلى مَيْدانِ ماكروبي كانديدياني انديدياني في طريقِ ماباليانسي ، عندَ المسابحِ، وقد سِيرَ به بالتَّهليلِ وأناشيدِ الظَّفرِ. وبعدَ أيامٍ قليلةٍ تُوُفِّيَ الوالي غاليريوس مكسيمُس.
    استشهَدَ الطُّوباويُّ كبريانس في اليوم 14 من أيلول في عهدِ الإمبراطورَيْن ڤاليريانس وغاليانس، في عهدِ الملِكِ الحقيقيِّ ربِّنا يسوعَ المسيحِ، له الكرامةُ والمجدُ إلى دهرِ الدُّهورِ. آمين.

Commentaires